نهاية التيك توك TIKTOK

 

التوجه نحو التراجع عن المحتوى القصير

بدأت الشركات في التراجع عن التركيز على المحتوى القصير، حيث أعلنت شركة "ميتا" الشهر الماضي عن قرارها بوقف تقديم المكافآت لصناع المحتوى الذين ينشرون فيديوهات قصيرة. هذا القرار جاء بعد أن اكتشفت الشركة أن الترويج لهذا النوع من المحتوى يؤدي إلى خسائر مالية كبيرة. ففي البداية، كانت فيديوهات "إنستجرام" القصيرة تحظى بشعبية كبيرة، لكنها لم تحقق الفائدة المرجوة في السوق، بل كانت تتسبب في خسارة الحصة السوقية لشركة ميتا لصالح نفسها. وفي الواقع، بدأ الناس في التفاعل مع "ريلز" بشكل أكبر بدلاً من التفاعل مع الصور والخلاصات التقليدية على "إنستجرام"، وهو ما كان له تأثير كبير على ربحية الشركة. وقد أشار مارك زوكربيرج إلى أن هذا التغيير كلف الشركة 500 مليون دولار كل ربع سنة، وهو ما يعادل 2 مليار دولار سنويًا.

الانتقال نحو الفيديوهات الطويلة على تيك توك

على الرغم من أن "ميتا" بدأت في الابتعاد عن الفيديوهات القصيرة، فإن "تيك توك" يسير في نفس الاتجاه بزيادة طول الفيديوهات على منصته. ففي البداية كان الحد الأقصى لمدة الفيديو 15 ثانية، ثم تمت زيادته إلى 60 ثانية، وبعدها إلى 3 دقائق، ثم إلى 10 دقائق. كما أضافت الشركة ميزة المشاهدة بالوضع الأفقي على نظام الأندرويد، مما يشير إلى رغبتها في جعل "تيك توك" منصة أكثر مشابهة لـ"يوتيوب"، التي تتميز بمحتوى طويل. هذا التحول في استراتيجيات منصات مثل "تيك توك" و"إنستجرام" يوضح أن الفيديوهات القصيرة، رغم شعبيتها، قد لا تكون هي النموذج المستدام على المدى الطويل.

لماذا تتراجع الشركات عن الفيديوهات القصيرة؟

رغم أن الفيديوهات القصيرة كانت تعتبر معيارًا جديدًا في عالم المحتوى الرقمي بسبب قدرتها على جذب الانتباه بسرعة، فإنها ليست الخيار الأمثل على المدى الطويل للشركات أو الجماهير. بدأت منصات مثل "إنستجرام" و"يوتيوب" في إدراك أن الاستثمارات التي تمت في الفيديوهات القصيرة لم تحقق العوائد المتوقعة. كما أن هذه المنصات تكافح حاليًا للحفاظ على استدامة قاعدتها من منشئي المحتوى، في حين تكافح "تيك توك" لكي لا تتحول إلى مصير مشابه لتطبيق "فاين"، الذي كان يعد من أكثر التطبيقات شعبية في وقت من الأوقات قبل أن يفشل.

التركيز على قاعدة صناع المحتوى المستدامة

تحتاج جميع المنصات الناجحة، مثل "يوتيوب" و"سبوتيفاي"، إلى قاعدة قوية من منشئي المحتوى المستدامين. وهذا هو السبب في توقيع هذه الشركات صفقات حصرية مع صناع المحتوى. إلا أن الفيديوهات القصيرة لا تسهم بشكل فعّال في بناء قاعدة منشئي محتوى مستدامة. فقد بدأ منشئو المحتوى في نشر الفيديوهات القصيرة ليس لأنها تروق لهم، بل لأنها تمثل فرصة لتحقيق الأرباح. ومع ذلك، لا يحقق معظمهم الأرباح التي كانوا يتوقعونها، بينما الذين يحققون أرباحًا ضخمة، مثل هؤلاء الذين يمتلكون ملايين المتابعين، لا يعيدون استثمار هذه الأموال في مزيد من الفيديوهات القصيرة، بل يفضلون التحول إلى المحتوى الطويل.

الخوارزميات والمحتوى القصير

من الأسباب التي ساهمت في تراجع الاهتمام بالمحتوى القصير هو الخوارزميات التي تروج لهذا النوع من الفيديوهات. فعلى الرغم من أن عدد المتابعين ليس العامل الحاسم في نجاح الفيديو القصير، إلا أن محتوى الفيديو نفسه يلعب دورًا كبيرًا في انتشاره. هذا يعني أن الفيديوهات القصيرة تتطلب التركيز على الاتجاهات السريعة أو الحيل التي تضمن جذب الانتباه، بدلاً من إنتاج محتوى مؤثر وهادف. وهذا هو السبب في أن الكثير من نجوم "تيك توك" يظهرون فجأة ثم يختفون بسرعة دون أن يحققوا استدامة طويلة.

الانتقال إلى المحتوى الطويل: الخيار الأكثر حكمة

منشئو المحتوى الذين بدأوا بتقديم الفيديوهات القصيرة يبدؤون بشكل طبيعي في التحول إلى المحتوى الطويل، حيث يُعتبر هذا الخيار أكثر حكمة واستدامة على المدى الطويل. والواقع أن الفيديوهات القصيرة تُستخدم بشكل رئيسي كأداة جذب للانتباه إلى المحتوى الأطول. وهذا التوجه يعكس رغبة منشئي المحتوى في بناء قاعدة جماهيرية مستدامة من خلال تقديم محتوى أكثر تأثيرًا. ولذلك، فإن الفيديوهات القصيرة لم تعد تمثل النموذج الأوحد للمحتوى الرقمي الناجح.

التحديات مع المعلنين في المحتوى القصير

إحدى العقبات الكبيرة التي تواجه منصات مثل "تيك توك" و"إنستجرام" هي أن المعلنين لا يرغبون في وضع إعلاناتهم في محتوى قصير. على الرغم من أن بعض المنتجات مثل الملابس قد تناسب الإعلانات القصيرة، إلا أن المنتجات الأخرى مثل الأجهزة التقنية أو المواد الغذائية لا تعتبر مناسبة لهذا النوع من الإعلانات. المعلنون يفضلون منصات مثل "يوتيوب" التي توفر فرصًا أفضل لبناء الوعي بالعلامات التجارية على المدى الطويل.

مستقبل الفيديوهات القصيرة

مع أن الفيديوهات القصيرة حققت انتشارًا كبيرًا، إلا أنها لا تضمن نفس العوائد المالية التي تضمنها الفيديوهات الطويلة. يعتقد العديد من صناع المحتوى أن محتوى الفيديو القصير ليس مستدامًا على المدى الطويل، مما يفسر تراجع الشركات الكبرى عن الاستثمار فيه. بينما بدأت "ميتا" و"يوتيوب" في تقليص دعمهم للفيديوهات القصيرة، قد لا تكون "تيك توك" قادرة على الاحتفاظ بشعبيتها إذا استمرت في التركيز فقط على هذا النوع من المحتوى.
chahamatv
chahamatv
تعليقات